عدد المساهمات : 6 التقييم : 3 تاريخ التسجيل : 13/08/2015
موضوع: خاصية التخفي الجمعة أغسطس 14, 2015 7:32 pm
في عام 1991، انطلقت عملية عاصفة الصحراء لتحرير الكويت من احتلال النظام البائد لصدام حسين بعد أن تمكنت طائرات غريبة الشكل ذات سطوح غير مألوفة الهيئة تابعة لسلاح الجو الأميركي بقصف مقر قيادة الدفاع الجوي المركزية العراقية مفتتحة تلك العملية. وما كانت تلك الطائرات سوى المقاتلة القاذفة الخفية F-117. وبذلك النجاح بدأ عهد جديد غير مسبوق لجيل من الطائرات عصي على الكشف من قبل أحدث الرادارات، تغيرت معه قواعد اللعبة. واليوم تشير التقارير الاستخباراتية إلى حدوث تغيير في تلك القواعد، بحيث لم تعد معها تلك التكنولوجيا مثمرة كما كانت في عام 1991، ما أبعاد قدرة كشف الطائرات الخفية؟ وما الوسائل التي تم اتخاذها لتفادي الكشف؟ وما دور الصين في تحييد قدرات الخفاء؟ كان لظهور طائرات القتال الخفية الأثر الكبير في تغيير نمط شن الحروب، وعلى الرغم من النجاحات الواعدة لذلك المبدأ وتلك الحيل، فإنها لم تعد كافية لدرء خطر الكشف والإسقاط من قبل دفاعات العدو. لذا، كان لا بد من إيجاد مبدأ جديد يضمن سلامة تلك الطائرات في تنفيذ مهامها على أكمل وجه مع استحالة اعتراضها من قبل العدو. إن الأجواء المعادية التي ستحلق بها طائرات القتال الخفية والتابعة لسلاح الجو الأميركي لن تكون كتلك التي كانت فوق أجواء بغداد وبلغراد، بل ستكون ممتلئة بالمفاجآت والقدرات الدفاعية الأكثر دهاء ومكراً. مبدأ الخفاء وجذوره تعود تكنولوجيا الخفاء أو ستيلث stealth إلى عقود قديمة، لكن الأب الروحي للمبدأ يرجع إلى عالم الفيزياء الروسي بويتر إيفيمتسيف Pyotr Ufimtsev، حين كتب مقالاً عن هذه التكنولوجيا في إحدى المجلات العلمية، إبان حقبة السوفيت ، عن فرضية تصميم طائرة على هيئة جناح طائر تطلى بمواد خاصة وتميل سطوحها الرافعة يمكنها نظرياً ومن ثم عملياً من أن تختفي عن موجات الرادار ولا تظهر على شاشاته، وبالتالي استحالة رصدها، ولكن المقال لم يؤخذ من قبل السوفيت، آنذاك، على محمل الجد، في حين تبنى الأميركان تلك الفرضية، وسخَّروا جميع الموارد، سواء العلمية أو المادية، لتطبيق ذلك فعلياً، وتمكنوا من ذلك بمدة وجيزة، لتظهر باكورة تلك الطائرات مع النموذج لوكهيد F-117. طبيعة عناصر الستيلث ان استخدام الدهان الماص للاشعاع الراداري ليس بفكرة حديثة، فقد سبق لسلاح الجو الالماني في عهد هتلر ان اجرى تجارب لم تصب نجاحا كبيرا آنذاك على دهانات لجعل الطائرات المغيرة غير مرئية راداريا، كما ان تلك المادة تم استخدامها في مناظير الغواصات الالمانية النازية للحؤول دون تمكن الرادارات البريطانية من كشفها عند صعودها الى سطح الماءِ، وقد ظهرت اولى المواد الماصة للرادار الى العلن للمرة الاولى في عام 1982 عندما تقدمت السفارة الاميركية في طوكيو باليابان بطلب غريب من شركة TDK اليابانية وكذلك الاخرى NEC الشهيرتين بصنع المعدات الالكترونية وهو شراء صفيحة دهان تبين في ما بعد انها طورت لوقف رشح وتسريب الافران المنزلية العاملة بالموجات الصغرية المايكرويف MICROWAVES وهي تحتوي على صفائح مصنوعة من حبات او قشور لاكاسيد الحديد وكانت تلك العينة لها اهمية بالغة بالنسبة للباحثين الاميركيين الذين كانوا يجرون ابحاثا حول صنع دهانات واغلفة ماصة للاشعاع الراداري واستخدامها في الطائرات، الا ان بعد ذلك تم الاعتماد على مادة اخرى اخف وزنا واكثر فعالية، ولعل بناء هيكل طائر بحجم طائرة ركاب متوسطة الحجم لا تقوى احدث الرادارات العسكرية على كشفها يعد تحديا كبيرا، الا ان ومع استخدام الكمبيوترات الحديثة التي ساعدت على وضع افضل الحلول ادت الى تصميم طائرات ذات سطوح غير مألوفة وغريبة الشكل مما ساهم أكثر في خفض بصمتها الرادارية. نكسة الطائرات الخفية إن السبب الرئيسي الذي أدى إلى الشكوك الحالية في قصور تكنولوجيا الخفاء يرجع الى التطور الملحوظ في مجال الرادارات الكاشفة، والتي احدثت الثورة المعلوماتية وانظمة الحاسوب ثورة وطفرة في مدى قدراتها ورفعت من كفاءتها بصورة ملحوظة، ويعد الرادار الذي يعمل بمبدأ الارسال الراديوي، الثنائى القنوات Bi Static وهو يعتمد على هوائيين للارسال متباعدين في المسافة رادارا قادرا على كشف وتعقب الطائرات القاذفة الخفية، ويقال ان ذلك الرادار تمت تجربته اثناء اسقاط الطائرة الخفية الاميركية من طراز F-117 في يوغسلافيا (صربيا) في اواخر التسعينات، لكن ذلك تطور ليصبح أكثر خطورة خصوصا أن تكنولوجيا الخفاء التي كانت مستخدمة في تلك الطائرة كانت لمواجهة الرادارات التي تعمل بنطاق التردد S، في حين أن الترددات الحالية فاقت ذلك لتصل إلى النطاق X القادر على كشف الترددات التي تصدرها تلك الطائرات الخفية ولو بصورة ضئيلة، وبالتالي تحييد نطاق عملها أو في أسوأ الظروف إسقاطها. لاعبون جدد الخطر الثاني يتمثل في ظهور دول أخرى غير الولايات المتحدة تطبق مبدأ الخفاء على طائراتها، ومن تلك الدول روسيا والصين وقريبا الهند. فروسيا كما نعلم تطور أولى طائراتها الخفية بالكامل كما تزعم من الجيل الخامس وهي السوخوي T-50 التي توازي في الأداء المقاتلة الأميركية F-22 الرابتور وفي الوقت نفسه طورت رادارات ذات مبدأ الذاكرة الرقمية للترددات الرادارية المنبعثة من الطائرات المعادية وحتى الصديقة أو Digital Radio Frequency Memory – DRFM والتي بإمكانها رصد وتحديد نوع الهدف ولو بصورة محدودة، وقد زودت المقاتلة المتطورة من طراز سوخوي 35 به مما عزز من قدراتها على رصد الأهداف المعادية ذات القدرات الخفائية، ومن جانبها الصين طرحت مقاتلتين حديثتين من الجيل الخامس هي كل من J-20 وJ-21/30/F-60 وتوازي المقاتلتين الخفيتين الاميركيتين F-22 و-35 تباعا. عنصر التفوق يبقى عنصر التفوق الذي يعزز من قدرات الطائرة الخفية مرهونا بأنظمة الحرب الإلكترونية والتشويش المحمولة على متن تلك الطائرة، ومثال على ذلك رادار المقاتلة F-35 لايتننغ 2 من نوع APG-81 والذي بإمكانه تعمية أعتى ما صنع من رادارات مهما كانت قدراتها بل وأحيانا الولوج إلى حواسيبها وقرصنتها HACKING وعكسها ضد مستخدميها، مما قد يشل الخصم بالكامل ويعزز من قدرات F-35 في الحرب المعلوماتية على البقاء في البيئة المعادية، ومن هنا تبدأ حقبة جديدة من القتال الجوي. الهند تنضم إلى نادي طائرات الستيلث ستبدأ الهند مشروع انتاج طائرات من فئة الجيل الخامس، مشتقة من تلك الروسية الجاري تطويرها مشاركة من فئة سوخوي T-50، والتي ستكون أصغر حجما وذات مقعدين بدلا من واحد، كتلك المخصصة لسلاح الجو الروسي. وترغب الهند في انتاج نماذج تخصص في ما بعد عام 2020 للتصدير بغية إيجاد سوق للطائرات المقاتلة المتطورة لها في العالم والدخول في تنافس مع جارتها اللدودة الصين والتي تطور هي الأخرى طائراتها المقاتلة الخفية من الجيل الخامس.